الكذب سلوك سلبي مخاطره عديدة
إذا تعمد الطفل تجنب قول الحقيقة أو حرف الكلام
أو ابتدع ما لم يحدث مع المبالغة في نقل ما حدث او اختلق
وقائع لم تقع، قيل انه يتصف بسلوك الكذب، وهو سلوك مكتسب
من البيئة التي يعيش فيها الطفل.الكذب وقطبه الآخر (الصدق)
سلوكان مكتسبان ولا يورثان شأنهما في ذلك شأن الأمانة
والكذب سلوك اجتماعي غير سوي يؤدي (إن لم يكن ينتج) الى
عديد من المشكلات الاجتماعية كعدم احترام الصديق، والخيانة
والكاذب يتعمد ذلك السلوك لتغطية الأخطاء والذنب أو حتى الجريمة
كما هو في حالة الأحداث الجانحين أو التخلص من العقاب
ويرتبط الكذب بالسرقة والغش، فخلف كل منهما تكمن الأمانة
نظرا لان الكذب عدم أمانة في القول، والسرقة عدم أمانة في حقوق
المجتمع وأفراده والغش تزييف للواقع من قول او فعل
وأطفال ما قبل المدرسة أصحاب عمر الثلاث الى قبل الست سنوات
من المغالاة ان نصف سلوكهم بالكذب رغم أنهم يبتدعون ويحرفون
الكلام ويطلقون العنان لخيالهم في أمور ليس لها أساس من الصحة
وقد يخلطون بين الواقع والخيال، وربما لا يتميزون بينهما مع العمر
الأصغر (بداية هذه الفترة) وأطفال هذه الفئة العمرية يلجأون
الى الكذب للخداع وعن قصد للمراوغة
أشكال الكذب
1 ـ الكذب الخيالي
يوجد عند بعض الأطفال سعة في الخيال تدفعهم الى ابتداع
مواقف وقصص لا ينسجها أي منهم في أساس من الواقع
انها أمور يلفقها الطفل حتى يجد نفسه بين الآخرين ولا يتجاهله
من حوله تجاهلا مطلقا، ولا يميز ذلك احد الجنسين على الآخر
ولكن كلاً منهما يمكن ان ينغمر في سلسلة من التلفيقات حينما
تضيق بأي منهما الحيلة او عندما لا يستطيع ان يشارك مع
جماعته إلا بقدر ضئيل او بلا قدر، بينما توجد الرغبة في تحقيق
المكانة واستحقاق الذكر والتنويه، وهذا ينقل أولئك الأطفال عبر
الخيال وعلى أجنحة من صور تحفها الخيبة والملل الى صورة
يحيطها الشعور بالنجاح وتحقيق الذات على أوهام
ورغبات واعمال ليسب في الواقع.
2 ـ الكذب الادعائي وكذب التفاخر
بعض الأطفال الذين لا يشعرون بالنقص يلجأون الى التعويض
بتفخيم الذات امام الآخرين، وذلك بالمبالغة في مواضعهم الحقيقية
فيما يملكون او ينتمون او يعانون بهدف تعزيز المكانة ورفعها
وسط الاقران، أو بهدف الرغبة في السيطرة، فلقد يدعي الطفل
الغني لأسرته والمنصب الكبير لوالده
وادعاء الطفل المرض لعدم الذهاب الى روضته الى مدرسته
أو ان لديه الما شديدا في المعدة او الرأس ينطوي على كل ذلك
تحت الكذب الادعائي، ويكون هدفه هو الحصول على قسط
اكبر من الرعاية والاهتمام والعطف. وعموما يلجأ الطفل
الى هذا النوع من الكذب لتغطية الشعور بالنقص
او الضعف من خلال المفاخرة او الزهو او المعاناة
ـ الكذب الدفاعي (الانتفاعي)
وهو أكثر أنواع وأشكال الكذب شيوعا بين الأطفال
ويهدف هؤلاء الأطفال إلى منع عقوبة سوف تقع عليهم
مثل اتهام طفل لشقيقه الأصغر بكسر الزجاج او المزهرية
وقد يلجأ إليه الطفل للتخلص من موقف حرج فينسب الأحداث لغيره
4 ـ الكذب بالتقليد (المحاكاة)
يلجأ بعض الأطفال إلى هذا النوع مقلدا المحيطين به
من الذين يتخذون هذا السلوك في بعض تعاملاتهم، فمثلاً
يقلد الطفل أسلوب المبالغة الذي يبدو من الوالدين او احدهما
وهو سبب من الأسباب الشائعة للكذب
5 ـ الكذب الكيدي
قد يلجأ الطفل الى الكذب حتى يضايق من حوله، لإحساسه
انه مظلوم او لشعوره الغيرة الذي يسيطر عليه
نتيجة حصول الآخرين على امتيازات
6 ـ كذب عدواني سلبي
وفيه ينتحل الطفل أعذارا غير حقيقية او مبالغاً فيها ليظل
سلبياً عندما يطلب منه عمل شيء او تحقيق هدف
7 ـ كذب جذب الانتباه حينما يفقد الطفل اهتمام من حوله رغم
سلوكياته الصادقة او السوية، فقد يلجأ الى السلوك غير
الصادق حتى ينال الاهتمام والانتباه.
الأسباب
يكمن خلف الكذب عدد من العوامل منها:
1 ـ أسرية
القدوة الحسنة هنا لها أهميتها، والقدوة غير الحسنة تلقي
بالطفل الى هذا السلوك المنحرف، فمشاهدة الصغير للكبار
عند ممارستهم أسلوب الكذب في تعاملاتهم اليومية يعد من
المصادر الفعالة في ممارسة ودعم هذا السلوك لديه، فعندما يجد
الطفل احد الوالدين او الأخوة الكبار مثلا يقول لمن يقرع الباب او يتصل
بالتليفون انه غير موجود او مشغول الآن في حين ان
هذا ادعاء او يرى الكبير يتغيب عن العمل لقضاء بعض
الأمور ويدعي لرئيسه في العمل انه كان مريضاً، كل ذلك
يجعل الطفل يتخذ من مثل هذه التصرفات سلوكيات لمعالجة بعض مواقفه.
وقد يؤدي انفصال الوالدين الى أن يعيش الطفل في جو اسري
جديد او مع والد او أم جديدة لها أساليبها في التعامل، ويتخذ الطفل
من كذبه وسيلة لمعالجة بعض الأمور او قسوة معاملة احد الوالدين
او كليهما في معاملة الأبناء حينما يصدر عنهم أخطاء او التفرقة في
معاملة الأبناء فقد يندفع الطفل الواقع عليه العقاب الى الكذب
افتراء على أخيه انتقاماً منه نظرا لشعوره بتمييز احد الوالدين او كليهما لهذا الأخ.
2 ـ الهرب من العقوبة
عندما تكون العقوبة المترتبة على الفعل الحقيقي مهددة
لكيان الطفل ومهددة بفقد السند العاطفي، ومن ثم الأمن
يكون الملاذ هو الكذب، مثلما نرى امام الممارسات التسلطية في
بعض المدارس ورياض الأطفال أو أساليب المعاملة الوالدية السلبية.
3 ـ عامل الشعور بالنقص يهدف التعويض وسط الأقران وخاصة الغرباء .
أساليب التغلب على مشكلة الكذب:
عند دراسة حالة الطفل يمارس سلوك الكذب
يجب ان نضع في الاعتبار السؤال التالي:
هل يكذب الطفل دون خوف من عقاب او تجنب لإيذاء بدني؟
كما يجب مراعاة ما يلي:
1 ـ العقاب وسيلة مضللة لتعديل سلوك الكذب
دعم فكرة ان الاعتراف بالخطأ ليس من العيوب وان
الصدق في قول الأحداث كما وقعت يؤدي الى تجاوز العقاب
2 ـ توافر القدوة الحسنة في ممارسة السلوكيات الصادقة.
3 ـ توفير قصص للأطفال عن نتائج الكذب وما يقع
على الكذاب من عقاب في الدنيا والأخرى.
4 ـ عدم انزعاج الوالدين وكذلك الطفل في مرحلة ما قبل
المدرسة ويفضل ان يوضح الوالدان للطفل الفرق بين الخيال والحقيقة.
5 ـ البعض عن تحقير الطفل لان ذلك يخفض من مفهومه
لذاته ودعم الثقة بالنفس لديه واظهار مواطن التفوق ودعمها.