أعظم العظماء وأفضل الفضلاء وأنبل النبلاء هو سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم فحري بنا قبل أن نبدأ باستعراض
صور وصفحات من تاريخ عظماء أمتنا أن نبدأ به صلى الله عليه وسلم .. كيف لا وهو المعصوم الذي لاينطق عن
الهوى و من حياته كلها اضاءات ودروس ومعالم يستنير بها المؤمنون ..
ولكن قبل الشروع في الموضوع استأذنكم بهذه الوقفة وهذا الدعاء
وقفنا بابك ياذا الملك ,,, وجئنا رحابك والملك لكْ
وجئناك نطوي قفار السهاد ,,, وماخاب يارب من أملكْ
اللهم ياذا الجلال والإكرام يارحيم يارحمان اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا واقل عثراتنا واجبر كسرنا وتجاوز عنا ..
اللهم ان رحمتك واسعة وعفوك عظيم فنشكو اليك ضعفنا وقلة حيلتنا وغلبة أهوائنا وسوء عملنا فاشملنا بعفوك
وتولنا برحمتك ..
اغفر اللهم ربي ذنبنا ,,, ثم زدنا من عطياك الجسام
لاتعاقبنا فقد عاقبنا ,,, أرق اسهرنا جنح الظلام
اللهم ارفع عنا البلاء وادفع عنا الفتن وابعد عنا الشرور و أهلّ علينا هذا الشهر الكريم باليمن والسرور
اللهم إن إخوان لنا في اليمن والعراق والصومال وتركستان قد لحقهم من القهر والتشريد والقتل ما أنت
أعلم به منا .. اللهم فالطف بهم وعافهم وارحمهم .. اللهم اشبع جائعهم وآمن خائفهم واحفظ أعراضهم ..
اللهم من تسبب بأذية عبادك وأوليائك في كل مكان فاقصم ظهره وجمد الدماء في عروقه وارنا فيه عجائب
قدرتك
وكنت إذا الطغيان أظهر بأسه ,,, وسل علينا سيفه وخناجره
دعوتك فاستنهضت بالفضل نصرتي ,,, فزلزلت بالعزم الأكيد محاجره
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك في هذا الشهر الكريم ويسر لنا الصيام والقيام وصالح الأعمال
وارزقنا الإخلاص وتقبل منا ..
اللهم انا نسألك أن تكتبنا من المقبولين ومن المعتقين من النار وأن توفقنا لكل خير ياعزيز ياغفار
اللهم عافنا في أبداننا وارض عنا ووسع أرزاقنا ولا تكلنا الى أحد من خلقك ياكريم ..
. . . . . . . . . .
رسولنا المصطفى وحبيبنا المجتبى صلى الله عليه وسلم يمشي في طرقات المدينة وقد أقر الله عينه بنصر الإسلام وظهور
الأمر واعزاز جنود الحق .. يمشي صلى الله عليه وسلم وقد أذل الله عدوه ومكن لأصحابه الذين كانوا يسامون العذاب فصاروا
أعزة بعد ذل وأقوياء بعد ضعف وفتح الله عليهم من فضله ومن عليهم بخيره وكرمه
بينما نبينا صلى الله عليه وسلم يمشي والحال هكذا اذ جاء رجل من الأعراب وأتى للنبي صلى الله عليه وسلم من خلفه
فجذبه جذبة شديدة ببرده حتى أثر البرد في صفحة عنق الحبيب صلى الله عليه وسلم وقال ذلك الأعرابي :
مُر لي من مال الله الذي عندك ! وفي رواية أخرى : احمل لي على بعيريّ هذين فانك لاتحمل لي من مالك ولا من مال أبيك !
التفت النبي صلى الله عليه وسلم الى الرجل وضحك ثم أمر له بعطاء ..
انتهت القصة !
قد يقول البعض ثم ماذا ؟ قصة سمعناها مراراً وتحكي عن حلم النبي صلى الله عليه وسلم ورفعة خلقه وصبره وتحمله
ولكني أقول مهلاً .. إني والله أرى أن هذه القصة وغيرها كثير لتعد من أقوى دلائل النبوة وأعظم صفات الرسالة التي يحتاج
الجميع الى التأسي بها والإهتداء بهديها ومجاهدة النفس في ذلك بقدر المستطاع
فتشبهوا ان لم تكونوا مثلهم= ان التشبه بالكرام فلاح
ما أحوجنا الى تطبيق هذا المثال الرائع والنموذج الفريد في تعاملنا مع بعضنا البعض وفي اختلافنا فيما بيننا وفي تعاملنا مع
الخلق كلهم ومع أهلنا وخاصتنا بشكل أخص ..
عندما يتحدث الغلام الصغير أنس بن مالك الذي تربى في بيت النبوة وخدم المصطفى صلى الله عليه وسلم عشر سنوات
ويذكر أنه طول هذه الفترة لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم توبيخاً ولا تقريعاً ولا ضرباً بل إنه لم يسأله لماذا فعلت
كذا ولماذا لم تفعل كذا ليعجب أشد العجب من هذا الخلق النبوي الذي حرمنا منه أبنائنا وزوجاتنا وأقربائنا ..
ما أحوجنا الى امتثال هذا الهدي وهذا السلوك العظيم في تعاملنا مع إخوتنا في الدين ومن يحملون هم الإسلام ويعملون لأجله
وان كنا نختلف معهم في الرؤى والوسائل ولكن يجمعنا الهدف السامي المتمثل بنصرة الدين وتبليغ الحق والهدى
إن ما يجري بيننا هنا في هذا المنتدى أو على أرض الواقع من تشاجر وتناحر وتباغض لأتفه الأسباب ولاختلافنا على مسائل
بسيطة وأمور لا تستحق كل ذلك ووصول الأمر الى السباب المقذع والكلام البذيء والقطيعة والهجران ليدعونا الى الوقوف
مندهشين ومتسائلين ما بال أمة محمد صلى الله عليه وسلم تتنكب طريقه وتترك الإقتداء بهديه والإستنان بأخلاقه ..
إن مما يزيد العجب أن يتم كل ذلك باسم الدين وأن يغلف ذلك الإنحراف وسوء الخلق باسم الغيرة على الدين والإنتصار للحق
ويستشهد هذا الغيور ببعض النصوص التي تدل على صحة مذهبه وتسوغ له سوء خلقه !
ولا أدري لماذا يتجاهل الكثير مثل هذه الصور العظيمة من خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتعامله مع عامة المسلمين فضلاً
عن خاصتهم وفضلائهم .. بل وما بالنا نغض الطرف عن الصور الكثيرة لتعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع المنافقين واليهود
والمشركين حين يصبر على أذاهم ويعفو ويصفح ويحسن التعامل ويتلطف معهم .. أين نحن في تعاملنا مع بعضنا البعض
من هذا الخلق النبوي والنهج الرباني وكأننا قصرنا الدين على الغلظة والفضاضة والنيل من المخالف بشتى السبل الممكنة !
أسأل الله أن ينير قلبي وقلوبكم بحب النبي صلى الله عليه وسلم وحب سنته وطريقته ويرزقنا اتباعه ويجعلنا ممن يردون حوضه وينالون شفاعته ..
وصلى الله وسلم على الحبيب وعلى آله وصحبه أجمعين