من كتاب
الدروس الرمضانية
للأمة المحمدية
فضائل وأحكام
-------------------------------------------------------------
19- صيام الأيام الفاضلة :
لمّا كان الصيام من أفضل القربات لله تبارك وتعالى و إختصه لنفسه ندب النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم صيام أيام بعينها فمنها :
1. صيام ست من شوال :
فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله
وصحبه وسلم قال ( من صام رمضان ثم أتبعه ستّاً من شوال كان كصيام الدهر )
رواه مسلم ، وإنما شبهها بصيام الدهر لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان
بعشرة أشهر وست من شوال بشهرين ، وروى ثوبان عن النبي صلى الله عليه وآله
وصحبه وسلم قال (( من صام رمضان فشهره بعشرة ، ومن صام ستة أيام بعد الفطر
فذلك صيام السَنَة )) رواه أحمد والنسائي .
وروي عن ابن عمر رضي الله
عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (( من صام رمضان
وأتبعه ستّاً من شوال خرج من ذنوبه كيوم ولدته اُمه )) رواه الطبراني في
الأوسط .
والأولى المبادرة بصيامها بعد العيد مباشرة وتواليها(1) ولا يشترط ذلك، ومن عليه القضاء فصامه في شوال فينويه ويندرج صيام الست فيه .
(1)
و به قال الإمام أحمد ، وفي سنن الترمذي عن ابن المبارك : أنه اختار أن
يكون ستة أيام من أول شوال ، وروي عن ابن المبارك أنه قال : من صام ستة من
شوال متفرِّقاً فهو جائز .
2. صيام الإثنين والخميس :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال (
تُعرض الأعمال على الله يوم الإثنين والخميس ، فأحب أن يعرض عملي وأنا
صائم ) رواه الترمذي .
وعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله
وصحبه وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين فقال (( ذلك يوم ولدت فيه وبعثت فيه
وأُنزل علىّ فيه )) رواه مسلم . وفيه دلالة على أنه ينبغي تعظيم اليوم
أحدث الله فيه على عبده نعمة بالتقرّب إليه فيه بالصوم وبغيره من الأعمال
الصالحة .
3. صيام ثلاثة أيام من كل شهر :
ووردت فيه أحاديث كثيرة منها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال ( أوصاني
خليلي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر ،
وركعتي الضحى ، وأن أوتر قبل أن أنام ) رواه البخاري ومسلم .وكان عليه
الصلاة والسلام يصوم الأيام البيض :الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس
عشر .
4. صوم يوم عرفة (1):
فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه
وسلم عن صوم يوم عرفة . قال ( يكفِّرُ السنة الماضية والباقية ) رواه مسلم
. وعن السيدة عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
يقول (( صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم )) رواه البيهقي . وعن سهل بن سعد
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (( من
صام يوم عرفة غُفِرَ له ذنب سنتين متتابعتين )) رواه أبو يعلى ورجاله رجال
الصحيح ويستحب الصيام فيه لغير الحاج لأن الأولى له الفطر ليقوى على أداء
النسك .
(1) كما يستحب
صيام تسع ذي الحجة ، وذلك لما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (( ما من أيام
العمل الصالح فيها أحب الى الله من هذه الأيام – يعني العشر- قالوا : يا
رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلاّ
رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع منهما بشيء )). وروى أبو داود وأحمد
والنسائي عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قالت ( كان
رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء
وثلاثة أيام من كل شهر وأول اثنين من الشهر والخميس ) . وعن أبي هريرة رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال (( أفضل الصيام بعد
رمضان شهر الله المحرّم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل )) رواه
الخمسة إلاّ البخاري .
5. صوم يوم عاشوراء :
( وهو اليوم العاشر من محرم ) لما فرض صيام شهر رمضان نُسخ وجوب صوم
عاشوراء وبقيت سنية صيامه ، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه وآله وصحبه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال ( يُكفِّر السنة
الماضية ) رواه مسلم . ولأن اليهود كانت تعظم هذا اليوم ندب لنا صيام
التاسع معه لمخالفتهم فعن إبن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ( لئن بقيت الى قابل لأصومنَّ التاسع) رواه
مسلم .
20- أيام يحرم فيها الصيام:
1. نصف شعبان الأخير :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال
(( لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلاّ رجل كان يصوم صوماً فليصمه ))
رواه الخمسة ، ولأصحاب السنن بسند صحيح (( إذا انتصف شعبان فلا تصوموا ))
. ويجوز صيام هذه الأيام لمن عليه قضاء ، أو لمعتاد ورد كيومي الإثنين
والخميس .
2. عيدي الفطر والأضحى (1):
فعن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال ( هذان يومان نهى رسول الله صلى الله
عليه وآله وصحبه وسلّم عن صيامهما ، يوم فطركم من صيامكم ، واليوم الآخر
تأكلون فيه نسككم ) رواه البخاري ومسلم . وعن عائشة رضي الله عنها قالت (
نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم عن صوم يومين: يوم الفطر
ويوم الأضحى ) رواه مسلم .
3. أيام التشريق :
روى مسلم من حديث كعب بن مالك أنّ النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
يبعث مناديه أيام منى يطوف ويقول ( إنما هي أيام أكل وشرب وذكر لله ) .
4. يوم الشك :
وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدّث برؤية الهلال نساء أو صبيان أو فسقة.
وعلة النهي أن لا يدخل في العبادة وهو في شك من وقتها ، جاء عن عمّار بن
ياسر رضي الله عنه أنه قال لمن أراد أن يمتنع من الأكل وقد قُدّمت لهم شاة
مَصليَّة( أي مشويّة) فقال ( من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم ) صلى
الله عليه وآله وصحبه وسلّم .
(1) فلو نذر صومهما لم ينعقد نذره لأنه نذر بمعصية .
ويكره إفراد يوم الجمعة أو السبت بصوم ما لم يُصَمْ يوم قبله أو يوم بعده
، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
وصحبه وسلم يقول (( لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلاّ أن يصوم يوماً قبله أو
يوماً بعده )) رواه البخاري ومسلم ، ودخل عليه الصلاة والسلام على أُم
المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها يوم الجمعة وهي صائمة فقال ((
أصمت أمس ؟ قالت : لا . قال : أتريدين أن تصومين غداً ، قالت : لا ، قال :
فأفطري )) رواه البخاري .
وأما يوم السبت، فقد روى عبدالله بن بُسر السلمي عن أُخته الصمّاء أن رسول
الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال (( لا تصوموا يوم السبت إلاّ فيما
افترض الله عليكم فإن لم يجد أحدكم إلاّ لحاء عنبة أوعود شجرة فليمضغه ))
أخرجه أبو داود والترمذي وقال الترمذي حديث حسن .
------------------------------------------------